على الكسار الكوميديان البائس



- الخروف الذى أدخل الكسار مستشفى المجانين
- الكسار يقاضى رجلا لتصرف غريب ثم يدفع له الغرامة
- أمه تعفيه من التجنيد بتضحية كبيرة
- الكسار يراوغ الاذاعي الكبير على فايق بقصة مختلقة
على خليل سالم، الاسم الفني على الكسار ولقبه :صاحب الرفعة الوجيه علي أفندي الكسار المليونير الخفي البربري المصري الوحيد ..أو عثمان عبد الباسط أشهر من جسد شخصية النوبي فى السينما المصرية ولد بحي البغالة بالسيدة زينب بالقاهرة عام 1887م عمل "سروجى "مع والده فى مقتبل عمره ولكنه لم ينجح فى تلك المهنة فعمل بالطبخ كمساعد مع خاله وكانت تلك الفترة لها تأثيرها الكبير على حياته الفنية فيما بعد فقد احتك بالبوابين الذين كان أغلبهم من أصول نوبية فتعلم منهم اللغة النوبية وظلت عالقة بذهنه إلى أن استدعاها فى تميمة شهرته شخصية عثمان عبد الباسط .
بدأ حياته الفنية عام 1908 بالعمل في فرقة"دار التمثيل الزينبى"، ثم عمل في فرقة جورج أبيض وتعرف هناك على أمين صدقي، وكونا فرقة تمثيل عام 1916 تحمل إسم علي الكسار ومصطفى أمين. وفي 6 يناير 1919 انتقل بفرقته إلى مسرحه الجديد "الماجستيك" بشارع عماد الدين مع شريكه و كاتب مسرحياته أمين صدقي، وكانت أقوى وأنجح الفرق الكوميدية بلا منافس والتى صمدت أمام كل التحديات التي عرفها تاريخ المسرح المصرى الحديث، بين شريكين حتى نهاية صيف 1925، وقع الانفصال بينهما، وسار علي الكسار يعمل وحده بفرقة تحمل اسمه على مسرح الماجستيك حتى عام 1939، وظل طوال تلك الفترة مابين الصمود والتألق الفني، يقدم لجمهورة بإنتظام مواسم مسرحية كاملة صيفًا وشتاءًا، ومسرحية جديدة كل ثلاث اسابيع، وإحدى عشر حفلة مابين ماتينه وسواريه فى الإسبوع الواحد، بالإضافه الى سفره بفرقته يجوب بلاد الوجه البحرى و القبلى والدول العربية الشقيقه،
وقد كتب مسرحيات علي الكسار العديد من كبار الكتاب، أمثال أمين صدقي و بديع خيرى وحامد السيد و غيرهم، وقدم للمسرح اكثر من مائتين أوبريت،
وقد كانت تمثل شخصية على الكسار الفنية الخالدة عثمان عبد الباسط فى مسرحياته رمزًا للبطل الشعبى الذى انتصر لشعبيه على خشبة المسرح فى ذلك العصر و قد قدمها فى إطار أدوار مختلفة ومتعددة ولم يكن يقدمها فى دور الخادم او البواب فى رواية من روايته و ظل كذلك حتى حل فرقته عام 1950 بعد ان أتعبه البحث عن خشبة مسرح يعمل عليها باستمرار بعد أن ترك مسرحه الكبير الماجستيك على أثر خلاف مع صاحبه الخواجة كوستي بسبب قلة المسارح فى ذلك العصر بسبب انتشار دور السينما التى احتلت مكانها بدلا من دور المسرح.
استغل المخرج و المنتج توجو مزراحى نجاح شخصية عثمان عبد الباسط على المسرح، ونقلها على الشاشة البيضاء فى تسع أفلام، ولم تكن من تقديم علي الكسار.
و علاوة على نجاح شخصية عثمان عبد الباسط، أن تقديمها للسينما لم يشترط دور البواب أو الخادم، ففي كل الأفلام التي قدمت الشخصية وعددها ستة وثلاثون فيلما من اخراج كبار المخرجين، مثل حسين فوزى و حسن الامام و محمود ذو الفقار و فؤاد خليل، لم تقدم فيه الشخصية كخادم أو بواب إلا في فيلم رصاصة في القلب،
كانت أمه ترتبط به ارتباطا شديدا حتى أنها قامت ببيع المخبز الذى كانت تمتلكه كى تدفع له البدلية كي لا يلتحق بالجيش وحتى اسم الكسار الذى اشتهر به هو لقب عائلة أمه
ومن الطرائف ما حكاه الكسار فى حوار اذاعى نادر مع الاذاعى الراحل على فايق زغلول وانقله لكم حرفيا كما جائ فى جريدة الوطن مفرغا من حديث اذاعى مختصر
المحاور: أعتقد أستاذ علي إن كل واحد بتصادفه مواقف طريفة شوية تتذكر موقف منها؟
الكسار: مواقف زي إيه يعني؟
المحاور: أي موقف في الحياة كان غريب شوية صادفك؟
الكسار: والله.. أتذكرلك حاجة يا سيدي .. تصدق حضرتك إن خروف يوديني مستشفى المجازيب.
المذيع متعجبًا: إزاي؟
الكسار: قلت لي إزاي، أنا ربنا قدرني واشتريت خروف قبل العيد بيومين، فوديته على البيت، والشقة اللي إحنا فيها، مفيهاش مكان يصلح لاستضافة هذا الخروف غير الحمام، فحبسته في الحمام، فجت بنت صغيرة مسكينة من الولاد الصغيرين أولاد أولادي، فتحت باب الحمام من غير ما تعرف، فطلع عليها الخروف اتخضت منه وطلعت تجري وقفلت باب الشقة وراها، فما كان من حضرته سي خروف إلا اتمشى في الشقة، لحد ما دخل أوضة النوم، بص في المراية بتاعة دولاب الملابس، لقى خياله افتكره خروف تاني، راح نطحه وكسر المرايا، وخد بعضه ودخل على المطبخ، لقى صفيحة الجاز مكشوفة، فراح ميل عليها وأربع أربع أربع لحد ما ملى بطنه، وبعد كدة جيت أنا لقيت أنا هذه الحالة، فهمت إن الخروف ده بقى كل لحمه جاز، وهندبحه بكرة، ندبحه إزاي مفيش فايدة، فقلت الأمر لله، أروح للجزار أوصيه على لحمة، ونخلي الخروف قد أسبوع ولا حاجة لما ينصرف من جسمه ريحة الجاز، فخدت بعضي يا سيد وقمت رايح ناحية الجزار فقابلني واحد صديقي زي حضرتك كدة، بيقولي رايح فين يا "فلان"، قلت له رايح أوصي الجزار على لحمة علشان بكرة، قال لي إزاي يا أخي أنا شايفك إمبارح وانت بتشتري خروف، قلت له: أه ده طلع خروف سوابق، قال لي إزاي، فحكيت له اللي حصل، قال لي حاجة بسيطة يا أخي، إعمله غسيل معدة، قالي ولا أقلك متتعبش نفسك هات الإسعاف، فما كان من حضرتي، اللي إني اتصلت بالإسعاف، وبلغتهم على الحادث، قال لي: ده مش اختصاصنا، أنا افتكرت أنهم كسلانين يعني، فروحت جبت تاكسي وخدت الخروف وطلعت أجري على الإسعاف، نزلت أنا والخروف على الإسعاف، قالوا في إيه قلتلهم والله عايزين نعمل غسيل معدة للخروف، بصوا لبعض وضحكوا، وبعدين واحد ميل عليا، وقال لي: اتفضل اركب العربية انت والخروف، وسوق يا سواق، بصيت لقيت نفسي في مستشفى معرفهاش، نزلت بصيت لقيت واحد دكتور أتاريه يعرفني، فقالي في إيه يا فلان إيه اللي جابك هنا؟، قلت له جي أعمل غسيل معدة للخروف، قالي انت عارف نفسك دلوقت فين هنا؟، قلت له لا معرفش فين، قالي انت في مستشفى المجازيب، قلت يا خبر أسود، قال لي خد خروفك وروح بيتك أحسن يثبتوا جنانك، خدت الخروف وجيت على البيت، بسمي وناري دخلت على المطبخ روحت لابس حلة، وقعدت أنطح في الخروف وينطح فيا، وأنا أنطح فيه، لحد ما صحيت من النوم.
المحاور: انت كنت بتحلم ولا إيه؟
الكسار: بحلم.
المذيع: انت بتسرح بيا يا أستاذ علي ولا إيه؟
الكسار: أنا قمت لقيت نفسي نازل نطح في المخدات لما دماغي وجعتني.
القصة طبعا خيالية لكن يتضح منها خفة ظل على الكسار الذى لم يكن حتى يحسن القراءة والكتابة ولكن حباه الله بموهبة فطرية ويحكى أيضا الكسار طرفة أخرى حدثت له عن رجل زهق على الكسار فى حياته فكلما رآه صاح : يا كسار فيلتفت وراءه فلا يجد أحد استمر هذا الرجل على هذا الوضع شهور حتى بلغ الغيظ بعلى الكسار ذروته فطلب من شخصين أن يتبعاه ليمسكا بهذا الرجل وبالفعل نجحا فى مهتمهما وأمسكا بهذا الرجل واقتادوه إلى القسم وحرر على الكسار له محضرا وتحولت لقضية ويوم الجلسة قال المحامى لعلى الكسار : ماذا نقول للقاضى سيخرج براءة لا محالة فكل تهمته أنه ينادى عليك فقال له الكسار: لا تتكلم ودعنى أحادث القاضى وبالفعل اتجه الكسار للقاضى وقال له : صل على النبي فقال القاضى عليه أفضل الصلاة والسلام فقال له الكسار :كمان زيد النبى صلاة فقال القاضى : عليه الصلاة والسلام فقال الكسار : نصلى على النبى تانى عشان تحل البركة فقال القاضى وقد بدا الضجر على وجهه: قلنا عليه الصلاة والسلام فقال له الكسار : زيد النبى صلاة فقال القاضى صارخا فى الكسار : لو قلت لى صلى على النبي ثانية ساحبسك فورا فقال الكسار : يا سيادة القاضى أنت مستحملتش تصلى على النبى وعايز تحبسنى اومال الراجل ده اللى بقالو ست شهور متأبنى وكل ما يشوفنى يا كسار يا كسار ويطلع يجرى فضحك القاضى وكل من بالقاعة وحكم على المتهم بجنيهين غرامة فأخذ الرجل يبكى لأنه فقير وليس معه المبلغ فدفع له الكسار الجنيهان وقال له : اوعى تعملها تانى ....
رحل على الكسار عن دنيانا فى عام 15 يناير عام 1957 بعد صراع مع الفقر ومرض سرطان البروستاتا فى حجرة متواضعة بمستشفى قصر العيني ،وتكلفت فاتورة جنازته 27 جنيه هذا المبلغ آخر ما كان يملك من حطام الدنيا هذا الرجل الذى أضجك الملايين مات فقيرا ولم تتذكره الدولة إلا بعد موته باطلاق اسم على الكسار على أحد شوارع حي عابدين حتى هذا التكريم لم يكتمل فقد أعاد حى عابدين اللافتات القديمة التى تحمل اسم "شارع الجنينة" الاسم السابق لشارع "على الكسار" فى مهزلة لم تجد من يتصدى لها ..رحم الله على الكسار بمقدار ما أسعد القلوب