فرصة مصر الذهبية في ظل ارتفاع الجمارك الأمريكية على الصين: كيف نحول التحديات إلى استثمارات؟

بقلم: نادية هنري بشارة – نائب برلماني سابق تشهد الساحة الاقتصادية العالمية تحولات دراماتيكية نتيجة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وفرض جمارك مرتفعة على العديد من المنتجات الصينية، مما دفع كثيرًا من الشركات إلى البحث عن بدائل للتصنيع خارج الصين. في خضم هذه التحديات، تبرز مصر كواحدة من أهم الدول التي يمكنها الاستفادة من هذا التحول وتحويله إلى فرصة استراتيجية للنمو الصناعي والاستثماري. 1. مصر.. بوابة إلى الأسواق العالمية تمتلك مصر عددًا من الاتفاقيات التجارية التي تمنحها قدرة تصديرية تنافسية، منها: - اتفاقية الكويز (QIZ) التي تسمح بتصدير منتجات إلى السوق الأمريكي دون جمارك، بشرط وجود مكون إسرائيلي بنسبة 10.5%. - اتفاقيات التجارة الحرة مع أوروبا (EU)، والدول الأفريقية (COMESA)، ودول عربية عديدة. - موقع جغرافي مميز يجعل منها نقطة ربط بين آسيا، أوروبا، وأفريقيا. كل هذه العوامل تجعل من مصر قاعدة تصنيعية مثالية للمستثمرين الراغبين في التصدير دون عوائق جمركية. 2. استقطاب المستثمرين الصينيين: فرصة يجب عدم تفويتها الصين، المتضررة الأكبر من الجمارك الأمريكية، تسعى الآن إلى تنويع قواعدها التصنيعية في دول منخفضة الجمارك والتكاليف. وهنا تأتي الفرصة: - يجب على مصر الترويج لنفسها لدى المستثمرين الصينيين كشريك صناعي استراتيجي. - توفير حوافز خاصة للاستثمار في المناطق الاقتصادية مثل العين السخنة، محور قناة السويس، والعاشر من رمضان. - تقديم ضمانات قانونية وضريبية تعزز من ثقة المستثمر وتقلل من المخاطر. 3. توسيع مناطق الكويز وتعدد القطاعات حاليًا تتركز الكويز في قطاع المنسوجات، لكن هناك فرصة لتوسيعها إلى قطاعات أخرى مثل: - الصناعات الإلكترونية والتجميع. - البلاستيك والكيماويات. - الأغذية المصنعة والمعدات الطبية. ويجب التفكير جديًا في توسيع الرقعة الجغرافية لمناطق الكويز لتشمل محافظات جديدة، بما يحقق تنمية متوازنة ويوفر فرص عمل. 4. البنية التحتية... جاهزة للانطلاق من أبرز ما يميز مصر اليوم: - موانئ بحرية متطورة على البحرين الأحمر والمتوسط. - شبكة طرق حديثة ومناطق لوجستية. - مناطق صناعية قريبة من الموانئ. كل هذه العوامل تعني أن البنية التحتية موجودة بالفعل، وتحتاج فقط إلى تكامل وتشغيل ذكي. 5. الإصلاح الإداري والتشريعي كعامل حاسم لا تكفي الحوافز وحدها لجذب الاستثمارات، بل يجب: - تسهيل إجراءات التراخيص وتأسيس الشركات. - إزالة البيروقراطية. - دعم المستثمر في حل النزاعات وحماية استثماراته. - تمكين الشراكات بين المستثمرين الأجانب والمحليين. 6. مصر في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية مصر شريك رئيسي في مبادرة "الحزام والطريق"، ويجب استغلال هذا التعاون في: - جذب استثمارات صينية موجهة للسوق الأمريكي. - تطوير مناطق صناعية ذكية بشراكة صينية. - تعزيز الربط اللوجستي مع أفريقيا لتكون مصر مركز تصدير إقليمي. خلاصة: إن ما يواجهه العالم من نزاعات تجارية ليس فقط تحديًا، بل فرصة تاريخية لمصر. الفرصة موجودة، والأدوات متوفرة، وتبقى الإرادة السياسية والتخطيط الذكي هما مفتاح تحويل هذه اللحظة إلى نقطة انطلاق نحو نهضة صناعية جديدة. إن لم نتحرك الآن، فمتى؟